لا دق جرس بدء جلسات الانتخابات ولا جرس الحوار نفعا. عشر جلسات ولم يتمكن مجلس النواب من انتخاب رئيس، مقدمًا في كلّ مرّة صورة أتعس تخرقها تعليقات وأسماء ساخرة لا تتناسب مع خطورة الأوضاع على الأرض. فبين أسماء موقوفين في ملف بحجم انفجار المرفأ والأوراق البيضاء وتطيير النصاب، لم تعد مسرحيات ساحة النجمة تنفع، سيّما وأنها لا تأتي بأي جديد.

شرط عقد جلسة حوار تسبق تلك المخصصة للانتخاب حتى يدخل النواب للبصم في المجلس سقط مع احتمال عودته بعد الأعياد، أمّا التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي فقد استنزفا بكثرة الورقة البيضاء وحيلة تعطيل الجلسات إلى حدّ يجعل من ما يحصل كلّ خميس غير أخلاقي.

وفقًا للخبير الدستوري سعيد مالك، فإنّ الورقة البيضاء لطالما كانت ومنذ القرن التاسع عشر خيارًا يُستخدم في الدول الديمقراطية للتعبير عن الاعتراض على مرشح أو برنامج أو وضع ما، معددًا أمثلة كثيرة تتجاوز أوروبا وتصل إلى القارة الأميركية.

ما زال حزب الله متأنيًا يخشى تبني سليمان فرنجية رئاسيا في ظلّ رفض جبران باسيل ذلك وإن كان الرجل يعتبر نفسه ضمنيًا مرشحًا لتولي إدارة البلد من على كرسي بعبدا بشكل صريح هذه المرّة فقد سمع في عواصم عربية أخرى تأييدًا لوصول قائد الجيش، فعاد مصدومًا وتعقدت الأوراق أكثر.

مالك يقول: “إنّ التسلّح بالورقة البيضاء في لبنان يُستخدم كخيار في غير محلّه كونه ليس أكثر من استراتيجية خبيثة هدفها الاستمهال لرص صفوف الأفرقاء الذين يلجأون لهذا السلاح”.

لا تشبه فوضى لبنان واللّامبالة القائمة أي انهيار في العالم، ففيما تواصل اللّيرة انحدارها السريع من دون رادع وصولًا إلى الـ ٤٣ ألف يمعن طرف سياسي متشرذم بتعطيل الجلسات وتطيير النصاب منعًا من عقد الدورة الثانية وانتخاب رئيس. وهنا لا يبقى السؤال مرتبطًا بالسياق الأخلاقي لهذه التطورات بل بما إذا كان أي بلد في العالم يمتلك نظامًا مشابهًا للمتبع في لبنان، في ظلّ وجود كلّ هذه العلل.

لا جلسات لانتخاب رئيس حتى العام المقبل لأنّ الجميع “معيّد”،فيما يتسارع النواب بعد كلّ جلسة للتصريح رافعين مسؤولية فشل انتخاب الرئيس عنهم استنادًا لحجج واهية تعكس لاأخلاقية الوضع السياسي في لبنان رغم أننا لا نسعى لأن نكون شرطة أخلاقية على أحد.

إيفانا الخوري