ما يحصل في ملف المرفأ قضائياً وسياسياً لا يدل إلا على حقيقة واحدة فقط، وهي أن السلطة السياسية ترغب بطي أوراق هذا الملف أو حتى إحراقه نهائياً، وتحويل قضية الرابع من آب إلى ذكرى “حادث”، تقتصر على إضاءة الشموع بالقرب من تمثال المغترب.

المنظومة الحاكمة تملك من الإسفاف لتحويل ملف تفجير المرفأ إلى مأساة منسية، تحيلها للقدر.. لا للقضاء. وكأن الرابع من آب لم يكن، والعاصمة لم تنفجر بأهلها، والبحر لم يبتلع الضحايا، والإهراءات لم تسقط ولا عائلات مفجوعة.

الثلاثاء 6 حزيران تبلّغ محمد المولى، رئيس الميناء في مرفأ بيروت، بقرار عودته لمتابعة مهامه داخل المرفأ. وحقيقة ما حصل بدأ في 5 نيسان حين قدّم الوزير علي حمية، لائحة تضم أسماء موظفين في المرفأ من غير الفئة الأولى وطلب من هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل إبداء رأيها بشأن إمكانية عودتهم إلى مزاولة مهامهم. ما يعني أنه بحاجة إلى “مخرج” قانوني- قضائي كي يمكنهم من العودة إلى مزاولة عملهم.

وفي 25 نيسان قدمت هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل برئاسة القاضية جويل فواز، زوجة الوزير هنري الخوري، تحليلها القانوني فعاد هؤلاء الى وظائفهم.

المولى واحد من الموظفين المُطالب بعودتهم إلى مهامهم في مرفأ بيروت، أما الباقي فهم: ميشال جوزف نحول، سامر محمد رعد، مصطفى سليم فرشوخ، محمد زياد راتب العوف.

لا نحتاج لكثير من الشرح لوصف حجم المهانة التي تلحق بالقضاء، بل يكفي القول أن القضاء قرر ملاحقة أهالي الضحايا والتحقيق معهم عوضاً عن ملاحقة كل متهم أو متورط في هذه القضية.

تثبت المنظومة أنها لا تريد سوى طمس الحقيقة وشطب هذا التاريخ من الذاكرة، ظناً منها أن ملاحقة الأهالي يعني تمكين السلطة من اسكاتهم ومنعهم من المطالبة بالعدالة لضحاياهم.